4 ভিতরে ·অনুবাদ করা

المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء عند ابن بطوطة

قام ابن بطوطة برحلته إلى السودان الغربي (إمبراطورية مالي) سنة 1352م، وقد مكث هناك مدة سنتين، ومباشرة بعد عودته، دون رحلته التي أملاها على كاتب البلاط ابن جزي الغرناطي حوالي سنة 1355م، وهو ما يعني أن ما دونه كان لا يزال طرياً في ذاكرته، مقارنة مع ما دونه عن رحلاته الأخرى، ولهذا تميز بكثير من الدقة. وسوف أتناول في هذه التدوينة ما ورد عند ابن بطوطة حول العلاقات بين المغرب وإمبراطورية مالي، في الجانب الاقتصادي والثقافي والدبلوماسي.
بالنسبة للجانب الاقتصادي، يتحدث ابن بطوطة عن العلاقات التجارية بين المغرب ومالي، وكيف أن الرواج التجاري بين ضفتي الصحراء سمح بنشوء وازدهار مدن على رأسها سجلماسة التي كانت محطة أساسية يتم عندها تجميع السلع قبل انطلاق القوافل ذهاباً في اتجاه الجنوب، أو إياباً في اتجاه الشمال. وعلى عهد ابن بطوطة تراجعت أهمية سجلماسة لصالح ولاتة التي غدت ـ حسبه ـ أهم مدينة توجد على طريق القوافل التجارية.
ومن المواد الرئيسية التي كان يستقدمها التجار المغاربة من مالي هناك العبيد، والذهب، والعاج، والجلود. أما السلع التي يحملونها من المغرب إلى مالي فهي الكتب، والحبوب، والفواكه، المجففة، والخيول، والملابس الصوفية والقطنية، والخزف، والنحاس، والحلي، والملح.
ومن أسباب ازدهار تجارة العبيد بين المغرب ومالي خلال القرن الرابع عشر الميلادي، هناك تراجع عدد العبيد الإيبيريين في الأسواق المغربية. نفس الرواج عرفته تجارة الملابس القطنية والصوفية المصنعة بالمغرب وأوروبا، والتي كان يحملها إلى مالي التجار المغاربة.
ولم يكن هناك من منتوج يعادل في قيمته الذهب لدى الماليين غير الملح، بحيث كان المنتوجان يقايضان ببعضهما كما يؤكد ابن بطوطة الذي وقف على ذلك شخصياً بممالح تغازة. ويضيف ابن بطوطة أن قيمة الملح كانت ترتفع كلما بعدت المناطق التي يباع بها عن منجمه الرئيسي، بحيث تباع حمولة الجمل الواحد في ولاته ب 10 مثاقيل من الذهب، بينما يصل ثمنها بمدينة مالي إلى 30 مثقالاً.
بالنسبة للأصول الجغرافية للتجار المغاربة، يشير ابن بطوطة إلى أنهم ينتمون إلى العديد من المدن، من بينها مكناس، وسلا، ووجدة، وتازة، وتافيلالت، ومراكش، ودكالة، وتادلة، وسجلماسة. وكان للتجار المغاربة وغيرهم من البيض، حي خاص بهم بمدينة مالي. وقد قاموا بتشييد مسجد بالمدينة سمي ب "مسجد البيضان".
بالنسبة للجانب الثقافي، عرفت إمبراطورية مالي اهتماماً خاصاً بالكتب العربية، بحيث انتشرت خزانات الكتب والمدارس القرآنية ومراكز تعليم علوم الشريعة. ويخبرنا ابن بطوطة أنه وجد لدى أحد أمراء مالي كتاب "المدهش في المحاضرات" لابن الجوزي البغدادي. وقد رافقت الرغبة في التفقه في علوم الدين لدى الماليين، تجدر بعض العادات التي ترتبط بالإسلام الذي دخلهم عن طريق المغرب، مثل إحياء شهر رمضان بالإكثار من التعبد، وإجبار الأبناء على حفظ القرآن، وأداء صلاة الجمعة بالمسجد، حيث يخبرنا ابن بطوطة أن الاكتظاظ بالمساجد يبدأ منذ الساعات الأولى من الصباح.
وسوف يتعزز الحضور الثقافي المغربي بمالي كذلك، بتولي العديد من المغاربة لمناصب رفيعة، وكان من بينهم القضاة والأئمة، وقد أصبح عدد منهم من خاصة السلاطين. ومن بين الذين يذكرهم ابن بطوطة بالاسم، القاضي أبو سعيد الدكالي، الذي يقول عنه إنه من خاصة السلطان "المنسا موسى".
بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية بين المغرب ومالي، يتحدث ابن بطوطة عن الصدى الذي تركته بمالي وفاة السلطان أبا الحسن المريني، وكيف أقيم له عزاء ببلاط السلطان "المنسا سليمان"، حضره إلى جانب ابن بطوطة شخصيات أخرى من بينهم الأمراء والفقهاء والقضاة والأئمة، وقد تم في العزاء تلاوة القرآن وطلب الرحمة لسلطان المغرب.